أصبح مرض السيدا أو الإيدز مصدرا لقلق واسع في كل الأوساط، وذلك منذ أن ظهر فجأة بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1979 عند ذوي الشذوذ الجنسي، ومستعملي المخدرات بواسطة الحقن.
وقد اعتبر آنذاك كثير من الناس أن هذا الداء سيبقى منحصرا بين من وضعوا أنفسهم على هامش المجتمع، بإتباعهم سلوكا لا أخلاقيا يتنافى مع كل القيم والأعراف. غير أن مرض السيدا أصبح داء واسع الانتشار يصيب حتى غير المنحرفين، يتجاوز كل الحدود الجغرافية و الاجتماعية والعرقية والثقافية... فلم يستثن أية قارة من القارات. لذلك أصبح لزاما على كل واحد منا أن يحس بأنه معني مباشرة بخطورة هذا الداء. والشعور بخطورة المشكل معناه أن نسعى إلى معرفة كاملة لهذا الداء حتى نتمكن من تجنبه، والحد من انتشاره.
فالخلايا الرئيسية هي الخلايا اللمفاوية (T)، نسبة إلى THYMUS ( الغدة السعترية )، ومهمتها هي إعطاء الأمر للخلايا (B) بالتعامل مع الفيروس مجبرة إياها على إفراز أجسام مضادة خاصة قادرة على القضاء على الفيروس. هذا ناهيك عن مهمة أساسية أخرى ألا وهي إفراز مادة كيميائية تسمى (اللمفوكين)، عمل هذه المادة يقتصر على تنشيط خلايا الدم البيضاء ووظائفها.
أما الخلايا الثانية فهي الخلايا اللمفاوية (B)، نسبة إلى BONE MARROW، التي تعمل على حشد نفسها عند غزو الجسم من قبل الفيروس، حيث تقوم بإفراز أجسام مضادة له بناء على أمر أو إذن من الخلايا اللمفاوية (T).
والخلايا الثالثة هي البلعميات التي لها مهمة في ابتلاع الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم البشري، وكذا قتل البكتريات والفطريات والخلايا السرطانية.
إلى جانب هذه الخلايا الثلاثة نجد مجموعة من البروتينات المصلية التي تجري في الدم مشكلة جهازا مساعدا، له دور في قتل بعض الفيروسات.
وكان يجب انتظار زهاء أربع سنوات لاكتشاف الفيروس HIV1 من طرف العالم الفرنسي Luc Montagnier بمعهد باستور بفرنسا والعالم الأمريكي Gallo بالمعهد الأمريكي للسرطان سنة 1983.
وفي سنة 1986 تم اكتشاف نوع أخر من الفيروس HIV2 في السنغال من طرف العالم Luc Montagnier .
وقد سجلت أول حالة بالمغرب في 2 ماي 1986.
يمكن العثور على فيروس السيدا في إفرازات الجسم المتعددة كالدم والمني واللعاب والبول والدموع وحليب الثدي والإفرازات المهبلية والسائل الشوكي والعقد اللمفاوية والسائل اللمفاوي ومخ العظام .
إن وجود هذا الفيروس لا يعني حتمية الإصابة بمرض السيدا، فهناك عدد كبير من المصابين بهذا المرض يتمتعون بصحة جيدة وسليمة ولا يعانون من أية أعراض تذكر و يسمون بحاملي الفيروس، ولكنهم قادرون على نقل العدوى إلى أناس آخرين.
إن تشخيص المرض يتم بالكشف عن وجود أو غياب مضادات الأجسام ضد فيروس HIV بدم الشخص باختبارين :
• اختبار Elisa : الذي يعتمد على البحث عن مضادات الأجسام وذلك بتثبيت مضاد فيروسي على دعامة ووضع المصل، فإذا كان يحتوي على مضادات الأجسام HIV فإنها ستثبت على مضادات التحضير، وباستعمال مادة خاصة يحدث تفاعل ملون.
• اختبار Westenblot :الذي يعتمد على البحث عن البروتينات الخارجية والداخلية للفيروسات لتختبر بعد عزلها بشكل مرتب بطريقة Elisa.
• غشاء خارجي كروي الشكل مكون من طبقتين من الفوسفوذهنيات تتخللها عناصر بروتينية – سكرية يسمى جزؤها الخارجي بالبروتين gp120،
• قالب تحت الغشاء، كذلك كروي الشكل، مكون من كريوينات بروتينية P(17)،
• نواة على شكل مخروط مبتور القمة تتكون من غشاء بروتيني P(24) وبداخلها خيطان من الحامض الريبونووي ARN مكسوان بغشاء بروتيني، يحمل كل خيط منهما بروتينا يسمى الناسخ العكسي.
عند دخول فيروس السيدا جسم الإنسان، مخترقا حواجزه البيولوجية، يهب جهاز المناعة بكل خلاياه للدفاع عنه، فالبروتين CD4 الموجود على الخلايا اللمفاوية T4 يعتبر مصدر اجتذاب للبروتين gp120 للفيروس HIV . وبعد اتحاد غشاء الخلية وغشاء الفيروس يحقن هذا الأخير نواته داخل الخلية T4 ، ويقوم الناسخ العكسي بتحويل ARN الفيروسي إلى ADN الذي يستعمل كقالب لنسخ الخيط الثاني من ADN ، ويندمج الخيط المزدوج ADN في ADN الخلية T4 ، ويتم بعد ذلك نسخ ARNm التي ستدير تركيب العناصر اللازمة لصنع فيروسات جديدة. وبمشاركة ARNt و ARNr تترجم الأخبار الوراثية المتضمنة في ADN الفيروسي إلى بروتينات والى ARN الفيروسي ثم تتكون النواة ويتحرر الفيروس الجديد.
إن قيام الخلايا اللمفاوية T4 بعملية استنساخ الفيروس بسرعة كبيرة يجعلها تنفجر وتموت محررة الفيروسات الجديدة.
تتجاذب الخلايا اللمفاوية T4 فيما بينها ويمر الفيروس من خلية إلى أخرى دون أن تتمكن مضادات الأجسام من القضاء عليه. وهنا تجري عملية في غاية الخطورة تتجلى في تدمير ذاتي للجسم حيث أن الفيروس يحرر بروتينه gp120 الذي ينتقل في الدم ويثبت على المستقبلات CD4 للخلايا اللمفاوية T4 وخلايا أخرى كالبلعميات التي تستهدف بعد ذلك من طرف اللمفاويات T8 القاتلة.
بهذا تدمر الخلايا T4 ويزول بتدميرها الأمر المفروض إعطاؤه للخلايا B لإفراز الأجسام المضادة فتصبح هذه الأخيرة في عزلة. هكذا يدمر جهاز المناعة فيفقد في النهاية قدرته على القيام بواجبه، ويصبح الجسم المصاب بالفيروس عرضة لأمراض انتهازية تبدأ بالظهور، وتتمثل هذه الأمراض في التهاب الرئة الفطري والتهاب سحايا الدماغ والسرطان وغيرها من الأمراض التي يمكن معالجتها بكل فعالية في حال لو أصيب بها إنسان سليم جهاز المناعة.
أما الشيء الأخطر في فيروس السيدا هو أن الإنسان الذي يصاب به، قد يصبح عرضة لنقل العدوى إلى الآخرين خلال فترة قصيرة جدا من تاريخ عدواه به وحتى قبل أن يكون اختبار الأجسام المضادة إيجابيا.
تنتقل العدوى بمرض السيدا في الحالات التي يتم خلالها تمزق الأغشية المخاطية التي تكسو الأعضاء مما يسهل على الفيروس الدخول إلى مجرى الدم مباشرة . وأهم الطرق التي يتم بموجبها الإصابة بفيروس السيدا هي الاتصال الجنسي واستعمال الحقن الملوثة لتعاطي المخدرات بالوريد، وكذا استعمال إبر أو أدوات حادة أخرى كالمقص و موس الحلاقة ملوثة بدم إنسان مصاب، بالإضافة إلى إمكانية العدوى من أم مصابة إلى جنينها داخل الرحم أو أثناء الولادة.
وتجدر الإشارة إلى أن اللمس والمصافحة بالأيدي والجلوس قرب مريض مصاب بالسيدا، لا يسمح بالتقاط العدوى لعدم توفر الظروف اللازمة لذلك، ففيروس السيدا ضعيف خارج الجسم وقدرته على الاستمرار على قيد الحياة ضئيلة جدا.
• المرحلة الأولى : وهي مرحلة حامل الفيروس حيث تبقى هذه الأخيرة في حالة كمون داخل الخلايا اللمفاوية T4، ويتمتع صاحبها بصحة جيدة وسليمة.
• المرحلة الثانية : وهي مرحلة السيدا القبلية تتكاثر فيها الفيروسات فتغزو عددا كبيرا من الخلايا اللمفاوية T4؛ هذا الغزو يؤدي إلى تضخم العقد اللمفاوية مع ظهور أعرض ما قبل السيدا كالإرهاق ، السعال الجاف، التعرق الليلي، النقص في الوزن وظهور نوع من السرطان يدعى سار كوم كابوسي Sarcome Kaposi يصيب الأوعية الدموية على شكل بقع بنية تحت الجلد وتحت الأغشية المخاطية.
• المرحلة الثالثة : وهي مرحلة السيدا وتناسب اختفاء الخلايا اللمفاوية T4 بعد تدميرها نهائيا من قبل الفيروس ويصبح الجسم في هذه المرحلة عرضة للأمراض الانتهازية المتمثلة في الالتهابات الجرثومية التي تصيب الرئة، الجهاز الهضمي، الأغشية المخاطية، الجلد والجهاز العصبي مما يؤدي إلى وفاة المريض.
أولا : استنباط لقاح فعال ضد الفيروس، هدفه وضع حد لانتقال العدوى، وانتشارها بسرعة مذهلة.
ثانيا : إيجاد علاج للمصابين بهذه العدوى ينطلق من مبدأ إعادة المناعة إلى الجسم بشتى الوسائل؛ كون أن فيروس السيدا يضرب الخلايا اللمفاوية T الرئيسية في جهاز المناعة، فيدمر هذا الأخير ويفقده وظيفته.
من الثوابت العلمية الواضحة أن اكتشاف أو تصنيع لقاح يتطلب بالدرجة الأولى فصل المسبب وزرعه، وبدون هاتين الخطوتين الأساسيتين يصبح من الصعب جدا تصنيع لقاح فعال. إن فعل المسبب يجب أن يرافقه عدم تغير في الصفات البيولوجية لهذا الأخير وإلا أصبح الفصل والزرع من دون نتيجة فعالة، هذه هي الحال في فيروس السيدا، حيث أنه لا يستقر على حال ثابتة، مما يحدث تغييرا في البنية الكلية لصفاته، ويجعله هدفا متحركا من الصعب إيجاد لقاح ضده .
أما من ناحية العلاج، فبما أن فيروس السيدا يضرب الخلايا اللمفاوية T، فقد تم التوجه نحو إيجاد علاج لهذا المرض على نحو تقوية هذا الجهاز بشتى الوسائل وجعله قادرا على استعادة عافيته مهما كلف الأمر، فقد ظهرت عدة عقاقير في الأسواق كعقار AZT الازيدوتمين الذي صنع أساسا لشل الناسخ العكسي للفيروس HIV ومنع تكاثره، الشيء الذي لم يفلح فيه إذ أن الفيروس يتغير بفعل الطفرة مما يجعل هذا العقار بدون فائدة وإذا كان العقار يقاوم بعض الأعراض كالحمى والنقص في الوزن والالتهابات الرئوية فان له تأثيرات جانبية خطيرة تتجلى في فقر الدم والتسمم وأضرار في مخ العظام.
وفي غياب عقار فعال لمعالجة داء السيدا تتوفر في الأسواق حاليا مجموعة من الأدوية باهضة الثمن لمعالجة بعض الأعراض المصاحبة للمرض ك Epivit ,Zerit ...
والأمل معقود على الأبحاث الجارية على قدم وساق لإيجاد دواء لهذا الداء.
لقد بينت التجارب والأبحاث أن فيروس السيدا قد انتقل إلى المصابين بهذا المرض بصورة فعالة فقط عبر الدم أو عبر السائل المنوي الملوث، فالوقاية من هذا المرض تتم على الشكل التالي:
• الابتعاد عن السلوكات الجنسية المنحرفة : الشذوذ الجنسي، الدعارة وتعدد الشركاء الجنسيين،
• التأكد من سلامة الدم قبل تحاقنه،
• تعقيم الآلات الحادة الملوثة بدم المصاب،
• استخدام الأدوات ذات الاستعمال الوحيد،
• تجنب تعاطي المخدرات المستعملة عن طريق الحقن،
• تجنب الحمل بالنسبة للمرأة المصابة.
وقد اعتبر آنذاك كثير من الناس أن هذا الداء سيبقى منحصرا بين من وضعوا أنفسهم على هامش المجتمع، بإتباعهم سلوكا لا أخلاقيا يتنافى مع كل القيم والأعراف. غير أن مرض السيدا أصبح داء واسع الانتشار يصيب حتى غير المنحرفين، يتجاوز كل الحدود الجغرافية و الاجتماعية والعرقية والثقافية... فلم يستثن أية قارة من القارات. لذلك أصبح لزاما على كل واحد منا أن يحس بأنه معني مباشرة بخطورة هذا الداء. والشعور بخطورة المشكل معناه أن نسعى إلى معرفة كاملة لهذا الداء حتى نتمكن من تجنبه، والحد من انتشاره.
جهاز المناعة عند الإنسان
يتكون جهاز المناعة من ثلاثة أنواع من الخلايا التي تعمل بالتعاون مع بعضها البعض بقصد قتل الميكروبات والفيروسات التي تغزو الجسم. هذه الخلايا موجودة ضمن نسيج داخل الجسم البشري يسمى بالنسيج اللمفاوي الذي يتواجد بكثرة في الغدد السعترية والغدد اللمفاوية وكذا الطحال، هذا بالإضافة إلى إمكانية تواجده على طول الجهاز الهضمي وفي اللوزتين والزائدة الدودية وغيرها...فالخلايا الرئيسية هي الخلايا اللمفاوية (T)، نسبة إلى THYMUS ( الغدة السعترية )، ومهمتها هي إعطاء الأمر للخلايا (B) بالتعامل مع الفيروس مجبرة إياها على إفراز أجسام مضادة خاصة قادرة على القضاء على الفيروس. هذا ناهيك عن مهمة أساسية أخرى ألا وهي إفراز مادة كيميائية تسمى (اللمفوكين)، عمل هذه المادة يقتصر على تنشيط خلايا الدم البيضاء ووظائفها.
أما الخلايا الثانية فهي الخلايا اللمفاوية (B)، نسبة إلى BONE MARROW، التي تعمل على حشد نفسها عند غزو الجسم من قبل الفيروس، حيث تقوم بإفراز أجسام مضادة له بناء على أمر أو إذن من الخلايا اللمفاوية (T).
والخلايا الثالثة هي البلعميات التي لها مهمة في ابتلاع الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم البشري، وكذا قتل البكتريات والفطريات والخلايا السرطانية.
إلى جانب هذه الخلايا الثلاثة نجد مجموعة من البروتينات المصلية التي تجري في الدم مشكلة جهازا مساعدا، له دور في قتل بعض الفيروسات.
تاريخ السيدا
تضاربت الآراء حول موطن داء السيدا وكذا تاريخه، إلا أن هناك شبه إجماع على السنة التي تم فيها تسجيل أول إصابة سنة 1979 عند خمسة شبان أمريكيين بنوع نادر من الالتهابات الرئوية و إصابة شادين جنسيا بنوع نادر من السرطان الجلدي.وكان يجب انتظار زهاء أربع سنوات لاكتشاف الفيروس HIV1 من طرف العالم الفرنسي Luc Montagnier بمعهد باستور بفرنسا والعالم الأمريكي Gallo بالمعهد الأمريكي للسرطان سنة 1983.
وفي سنة 1986 تم اكتشاف نوع أخر من الفيروس HIV2 في السنغال من طرف العالم Luc Montagnier .
وقد سجلت أول حالة بالمغرب في 2 ماي 1986.
تشخيص مرض السيدا
يمكن العثور على فيروس السيدا في إفرازات الجسم المتعددة كالدم والمني واللعاب والبول والدموع وحليب الثدي والإفرازات المهبلية والسائل الشوكي والعقد اللمفاوية والسائل اللمفاوي ومخ العظام .
إن وجود هذا الفيروس لا يعني حتمية الإصابة بمرض السيدا، فهناك عدد كبير من المصابين بهذا المرض يتمتعون بصحة جيدة وسليمة ولا يعانون من أية أعراض تذكر و يسمون بحاملي الفيروس، ولكنهم قادرون على نقل العدوى إلى أناس آخرين.
إن تشخيص المرض يتم بالكشف عن وجود أو غياب مضادات الأجسام ضد فيروس HIV بدم الشخص باختبارين :
• اختبار Elisa : الذي يعتمد على البحث عن مضادات الأجسام وذلك بتثبيت مضاد فيروسي على دعامة ووضع المصل، فإذا كان يحتوي على مضادات الأجسام HIV فإنها ستثبت على مضادات التحضير، وباستعمال مادة خاصة يحدث تفاعل ملون.
• اختبار Westenblot :الذي يعتمد على البحث عن البروتينات الخارجية والداخلية للفيروسات لتختبر بعد عزلها بشكل مرتب بطريقة Elisa.
كيفية عمل الفيروس المسبب للسيدا
بينت الملاحظة بالمجهر الإلكتروني وملاحظات أخرى أن الفيروس HIV يتكون من العناصر التالية :• غشاء خارجي كروي الشكل مكون من طبقتين من الفوسفوذهنيات تتخللها عناصر بروتينية – سكرية يسمى جزؤها الخارجي بالبروتين gp120،
• قالب تحت الغشاء، كذلك كروي الشكل، مكون من كريوينات بروتينية P(17)،
• نواة على شكل مخروط مبتور القمة تتكون من غشاء بروتيني P(24) وبداخلها خيطان من الحامض الريبونووي ARN مكسوان بغشاء بروتيني، يحمل كل خيط منهما بروتينا يسمى الناسخ العكسي.
عند دخول فيروس السيدا جسم الإنسان، مخترقا حواجزه البيولوجية، يهب جهاز المناعة بكل خلاياه للدفاع عنه، فالبروتين CD4 الموجود على الخلايا اللمفاوية T4 يعتبر مصدر اجتذاب للبروتين gp120 للفيروس HIV . وبعد اتحاد غشاء الخلية وغشاء الفيروس يحقن هذا الأخير نواته داخل الخلية T4 ، ويقوم الناسخ العكسي بتحويل ARN الفيروسي إلى ADN الذي يستعمل كقالب لنسخ الخيط الثاني من ADN ، ويندمج الخيط المزدوج ADN في ADN الخلية T4 ، ويتم بعد ذلك نسخ ARNm التي ستدير تركيب العناصر اللازمة لصنع فيروسات جديدة. وبمشاركة ARNt و ARNr تترجم الأخبار الوراثية المتضمنة في ADN الفيروسي إلى بروتينات والى ARN الفيروسي ثم تتكون النواة ويتحرر الفيروس الجديد.
إن قيام الخلايا اللمفاوية T4 بعملية استنساخ الفيروس بسرعة كبيرة يجعلها تنفجر وتموت محررة الفيروسات الجديدة.
تتجاذب الخلايا اللمفاوية T4 فيما بينها ويمر الفيروس من خلية إلى أخرى دون أن تتمكن مضادات الأجسام من القضاء عليه. وهنا تجري عملية في غاية الخطورة تتجلى في تدمير ذاتي للجسم حيث أن الفيروس يحرر بروتينه gp120 الذي ينتقل في الدم ويثبت على المستقبلات CD4 للخلايا اللمفاوية T4 وخلايا أخرى كالبلعميات التي تستهدف بعد ذلك من طرف اللمفاويات T8 القاتلة.
بهذا تدمر الخلايا T4 ويزول بتدميرها الأمر المفروض إعطاؤه للخلايا B لإفراز الأجسام المضادة فتصبح هذه الأخيرة في عزلة. هكذا يدمر جهاز المناعة فيفقد في النهاية قدرته على القيام بواجبه، ويصبح الجسم المصاب بالفيروس عرضة لأمراض انتهازية تبدأ بالظهور، وتتمثل هذه الأمراض في التهاب الرئة الفطري والتهاب سحايا الدماغ والسرطان وغيرها من الأمراض التي يمكن معالجتها بكل فعالية في حال لو أصيب بها إنسان سليم جهاز المناعة.
أما الشيء الأخطر في فيروس السيدا هو أن الإنسان الذي يصاب به، قد يصبح عرضة لنقل العدوى إلى الآخرين خلال فترة قصيرة جدا من تاريخ عدواه به وحتى قبل أن يكون اختبار الأجسام المضادة إيجابيا.
كيف تتم الإصابة بفيروس السيدا
تنتقل العدوى بمرض السيدا في الحالات التي يتم خلالها تمزق الأغشية المخاطية التي تكسو الأعضاء مما يسهل على الفيروس الدخول إلى مجرى الدم مباشرة . وأهم الطرق التي يتم بموجبها الإصابة بفيروس السيدا هي الاتصال الجنسي واستعمال الحقن الملوثة لتعاطي المخدرات بالوريد، وكذا استعمال إبر أو أدوات حادة أخرى كالمقص و موس الحلاقة ملوثة بدم إنسان مصاب، بالإضافة إلى إمكانية العدوى من أم مصابة إلى جنينها داخل الرحم أو أثناء الولادة.
وتجدر الإشارة إلى أن اللمس والمصافحة بالأيدي والجلوس قرب مريض مصاب بالسيدا، لا يسمح بالتقاط العدوى لعدم توفر الظروف اللازمة لذلك، ففيروس السيدا ضعيف خارج الجسم وقدرته على الاستمرار على قيد الحياة ضئيلة جدا.
كيف يتطور مرض السيدا ؟
إذا حدث أن أصيب إنسان سليم بفيروس السيدا فإن جسمه سيمر بثلاث مراحل تتناسب مع مراحل استجابة جهازه المناعاتي للفيروس :• المرحلة الأولى : وهي مرحلة حامل الفيروس حيث تبقى هذه الأخيرة في حالة كمون داخل الخلايا اللمفاوية T4، ويتمتع صاحبها بصحة جيدة وسليمة.
• المرحلة الثانية : وهي مرحلة السيدا القبلية تتكاثر فيها الفيروسات فتغزو عددا كبيرا من الخلايا اللمفاوية T4؛ هذا الغزو يؤدي إلى تضخم العقد اللمفاوية مع ظهور أعرض ما قبل السيدا كالإرهاق ، السعال الجاف، التعرق الليلي، النقص في الوزن وظهور نوع من السرطان يدعى سار كوم كابوسي Sarcome Kaposi يصيب الأوعية الدموية على شكل بقع بنية تحت الجلد وتحت الأغشية المخاطية.
• المرحلة الثالثة : وهي مرحلة السيدا وتناسب اختفاء الخلايا اللمفاوية T4 بعد تدميرها نهائيا من قبل الفيروس ويصبح الجسم في هذه المرحلة عرضة للأمراض الانتهازية المتمثلة في الالتهابات الجرثومية التي تصيب الرئة، الجهاز الهضمي، الأغشية المخاطية، الجلد والجهاز العصبي مما يؤدي إلى وفاة المريض.
علاج السيدا
لقد وضع العلماء مبادئ العلاج على النحو التالي : أولا : استنباط لقاح فعال ضد الفيروس، هدفه وضع حد لانتقال العدوى، وانتشارها بسرعة مذهلة.
ثانيا : إيجاد علاج للمصابين بهذه العدوى ينطلق من مبدأ إعادة المناعة إلى الجسم بشتى الوسائل؛ كون أن فيروس السيدا يضرب الخلايا اللمفاوية T الرئيسية في جهاز المناعة، فيدمر هذا الأخير ويفقده وظيفته.
من الثوابت العلمية الواضحة أن اكتشاف أو تصنيع لقاح يتطلب بالدرجة الأولى فصل المسبب وزرعه، وبدون هاتين الخطوتين الأساسيتين يصبح من الصعب جدا تصنيع لقاح فعال. إن فعل المسبب يجب أن يرافقه عدم تغير في الصفات البيولوجية لهذا الأخير وإلا أصبح الفصل والزرع من دون نتيجة فعالة، هذه هي الحال في فيروس السيدا، حيث أنه لا يستقر على حال ثابتة، مما يحدث تغييرا في البنية الكلية لصفاته، ويجعله هدفا متحركا من الصعب إيجاد لقاح ضده .
أما من ناحية العلاج، فبما أن فيروس السيدا يضرب الخلايا اللمفاوية T، فقد تم التوجه نحو إيجاد علاج لهذا المرض على نحو تقوية هذا الجهاز بشتى الوسائل وجعله قادرا على استعادة عافيته مهما كلف الأمر، فقد ظهرت عدة عقاقير في الأسواق كعقار AZT الازيدوتمين الذي صنع أساسا لشل الناسخ العكسي للفيروس HIV ومنع تكاثره، الشيء الذي لم يفلح فيه إذ أن الفيروس يتغير بفعل الطفرة مما يجعل هذا العقار بدون فائدة وإذا كان العقار يقاوم بعض الأعراض كالحمى والنقص في الوزن والالتهابات الرئوية فان له تأثيرات جانبية خطيرة تتجلى في فقر الدم والتسمم وأضرار في مخ العظام.
وفي غياب عقار فعال لمعالجة داء السيدا تتوفر في الأسواق حاليا مجموعة من الأدوية باهضة الثمن لمعالجة بعض الأعراض المصاحبة للمرض ك Epivit ,Zerit ...
والأمل معقود على الأبحاث الجارية على قدم وساق لإيجاد دواء لهذا الداء.
سبل الوقاية من السيدا
الوقاية ضرورية جدا في مرض السيدا، لأنها حتى الآن تعتبر الوسيلة الانجح في المساعدة على وقف انتشار هذا الوباء السريع، لعدم تمكن العلماء والباحثين من اكتشاف لقاح فعال أو دواء مفيد يؤدي هذه المهمة الصعبة.لقد بينت التجارب والأبحاث أن فيروس السيدا قد انتقل إلى المصابين بهذا المرض بصورة فعالة فقط عبر الدم أو عبر السائل المنوي الملوث، فالوقاية من هذا المرض تتم على الشكل التالي:
• الابتعاد عن السلوكات الجنسية المنحرفة : الشذوذ الجنسي، الدعارة وتعدد الشركاء الجنسيين،
• التأكد من سلامة الدم قبل تحاقنه،
• تعقيم الآلات الحادة الملوثة بدم المصاب،
• استخدام الأدوات ذات الاستعمال الوحيد،
• تجنب تعاطي المخدرات المستعملة عن طريق الحقن،
• تجنب الحمل بالنسبة للمرأة المصابة.
ع. ناصري
أستاذ مادة علوم الحياة والأرض
أستاذ مادة علوم الحياة والأرض