بدايات التدوين التاريخي عند العرب
عبد الغاني البيـر
مستشار في التوجيه المدرسي والجامعي
باحث مجاز في التاريخ -المغرب-
مستشار في التوجيه المدرسي والجامعي
باحث مجاز في التاريخ -المغرب-
لقد أصبح علم التاريخ يلقى اهتماما كبيرا من المؤرخين وغيرهم ، ولم يعد النقاش يقتصر على كون التاريخ علما أو أدبا، من جانب آخر أدت العديد من التطورات الحضارية إلى إعادة النظر في مفهوم علم التاريخ ونظرياته وخلصت في كثير منها إلى أن دراسة التحولات الحضارية الكبرى تستوجب الرجوع إلى أصول حضارية وبشرية أكثر عمقا في التاريخ. كل هذا ولد نظرة جديدة للتاريخ تؤكد على عالميته من خلال تلاقح الحضارات ومنها الحضارة العربية الإسلامية ، من هنا تكمن أهمية التساؤل عن الموقف من التاريخ العربي، وما يرتبط به من نظريات واتجاهات.
إننا وبصورة خاصة في حاجة لفهم سبب نشأة الكتابة التاريخية عند العرب ،لنرى دوافع كتابة التاريخ ، وأسلوبهم في كتابة التاريخ ،و اتجاهات المؤرخين ، وآراءهم التاريخية، ونظرتهم إلى أهمية التاريخ ودوره في الحياة الثقافية والعامة، ونرى عوامل الارتباك في الكتابة التاريخية، من أثر التيارات السياسية إلى دور أثر الشعوبية، إلى المؤثرات الدينية وأن نرى التطورات العامة في تطور الكتابة التاريخية وبدون هذه النواحي يتعذر علينا فهم قيمة المواد التاريخية المتيسرة لدينا أو ننقد بحوثنا أو أن نخلص تاريخنا من الشوائب التي لحقت به عبر العصور.
في هذه الورقة سنحاول ملامسة بعضا من هذه الجوانب وذلك في إطار تسليط بعض من الضوء على "تاريخ التاريخ" عند العرب في سياق دولي لم يعد ينظر لتواريخ الأمم كممهدة لتاريخ الغرب أو هامش من هوامشه.
فكيف تطورت الكتابة التاريخية عند العرب ؟ وما هي أهم مراحلها ؟ وما هي أهم اتجاهاتها؟
العرب قبل الإسلام والرواية الشفوية ... الأيام والأنساب
لم يعتمد العرب كثيرا قبل الاسلام على التاريخ المكتوب، ولكن كان العرب دوما يتذكرون تواريخهم عن طريق الرواية الشفوية ويفتخرون بما لأسلافهم من انتصارات كانت القبائل العربية تفاخر بعضها البعض بها ،وذلك عن طريق الشعر والنثر ، وبذلك شكلت أشعار العرب مصدرا إخباريا للأحداث الكبرى باعتبارها تاريخا غير مكتوب.وكذلك كانت القبائل العربية تتفاخر دوما بأنسابها وتحرص على تحفيظ اولادها بهذا النسب الذى يتم تناقله عبر الاجيال مصحوبا بقصص البطولات والامجاد ،و قد وفر لنا هذا الأسلوب بطريقة غير مباشرة معلومات وفيرة عن تاريخهم فى تلك الفترة. وقد اعتبرها البعض فرعا من فروع التاريخ وديوان العرب بالرغم أنها أخبار "بعيدة عن الصحة، عريقة عن الوهم والغلط وأشبه بأحاديث القصص الموضوعة"[1] على حد قول ابن خلدون.
بالاضافة الى ذلك فقد وجد لدى عرب الجنوب(اليمن) بعض النقوش والكتابات على جدران المعابد والقصور ،خاصة بدول معين وسبأ وحمير، من جانب آخر فقد كان العرب يحددون الاوقات بالنجوم والأهلة وكانوا يؤرخون بالاحداث العظيمة التى تحدث ، كعام الفيل وبناء الكعبة وظل الامر هكذا حتى خلافة عمر بن الخطاب الذى اتخذ من الهجرة بداية للتاريخ العربى حتى يومنا هذا .
وهكذا "لم تترك مدة ما قبل الاسلام أدبا مكتوبا، فهي مدة ثقافة شفوية. ومع أن تراثها على العموم أدى إلى استمرار الاهتمام بالايام والأنساب، وإلى بقاء أسلوب في الرواية، وهو الأسلوب القصصي شبه التاريخي، إلا أنه يخلو من أي نظرة تاريخية" [2]
صدر الاسلام وبداية الدور الحقيقي للعرب في التدوين التاريخي
إن المتتبع لسيرورة تدوين التاريخ العربي يمكن أن يقر أن الدور الحقيقي للعرب في التدوين بدأ بتدوين القرآن الكريم فعملية جمع آيات القرآن شكلت أهم خطوة قام بها العرب وكانت أعظم دليل على بداية التدوين، فقد نزل القرآن الكريم على محمد r وكان حفظة القرآن يحفظونه في صدورهم كما كانت تتم كتابة الوحي على الجلود والرقاع وسعف النخل وغير ذلك.ولما تم الوحي والتحق الرسول r بالرفيق الأعلى تردد أبو بكر الصديق في جمع القرآن اعتبارا أن الرسول r لم يقم بذلك إلا أن المصادر تحكي أنه ولما نفذ القتل في الحفاظ يوم اليمامة اقتنع ابوبكر بنصيحة عمر ابن الخطاب بضرورة جمع القرآن حتى لا يذهب القرآن بذهاب حفاظه. وقد احتفظ عمر t بالصحف بعد وفاة ابي بكر لتحتفظ بها بعده حفصة بنت عمر حتى أيام عثمان بن عفان t،[3] ، حتى طلبها منها عثمان t ليستنتسخ منها مصاحفه اعتماداً عليها بعد ظهور اختلافات في قراءة القرآن مع اتساع أطراف الدولة الاسلامية، ثم ردها إليها إيفاء بالعهد الذي أعطاها إياه ، فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم ([4]) حينما ولي المدينة فأبت ، ثم لما توفيت رضي الله عنها سنة 45ه ، حضر مروان جنازتها ، ثم طلب من أخيها عبد الله بن عمر t فبعث بها إليه فأخذها مروان وأمر بإحراقها [5] .
بعد اطمئنان المسلمين على كتاب الله بدؤوا يوجهون اهتمامهم نحو تدوين أحاديث الرسول r وقد مر تدوين الحديث بمراحل مختلفة. فقد راودت فكرة تدوين الحديث الخليفة عمر بن الخطاب لكن تردد عمر جعل الفكرة لم ترى النور وقد كان عبد الله بن عمر أكثر الرجال اهتماما بأحاديث رسول الله r بل أصدق الناس رواية لها .كما أن أبان بن عثمان بن عفان(ت. 105 ﻫ): كتب بالمدينة صحفا عن سيرة رسول الله r شرح فيها أعماله وجهاده وغزواته كما كان عروة بن الزبير بن العوام من الأوائل الذين كتبوا في السيرة وكانت كتاباته من المصادر الأساسية لمن جاء بعده من المؤرخين.
وفي العام التاسع والتسعين للهجرة تولى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه خلافة المسلمين ، فنظر إلى الأحوال والظروف التي تمر بها الأمة ، فرأى أن عليه البدء بكتابة الحديث وتدوينه حفظا له من الضياع والتحريف، حيث أن المانع الذي كان يمنع تدوين الحديث قد زال ، ومصلحة المسلمين باتت تستدعي جمع الحديث وتدوينه . فكتب إلى عُمَّاله وولاته يأمرهم بذلك. ثم نشطت حركة التدوين بعد ذلك ، وأخذت في التطور والازدهار ، وتعاون الأئمة والعلماء في مختلف الأمصار ، فكتب ابن جريج بمكة ، وكتب مالك وابن اسحاق بالمدينة ، وكتب سعيد بن أبي عَروبة والربيع بن صُبيح وحماد بن سلمة بالبصرة ، وكتب سفيان الثوري بالكوفة ، وكتب أبو عمرو الأوزاعي بالشام ، ، وكتب عبد الله بن المبارك بخراسان ، وكتب معمرباليمن ، وغيرهم من الأئمة ، وكانت طريقتهم في التدوين هي جمع أحاديث كل باب من أبواب العلم على حدة ، ثم ضم هذه الأبواب بعضها إلى بعض في مصنف واحد ، مع ذكر أقوال الصحابة والتابعين ، ولذلك حملت المصنفات الأولى في هذا الزمن عناوين مثل " مصنف " و " موطأ " و " جامع " .
ومن المناسب هنا أن نعرض لوهب ابن منبه (110هـ/728م) لأثره في ناحيي القصص والإسرائيليات، فوهب يماني المولد والثقافة . وقد عاصر شرية الجرهمي حيث صنف كتاب "التيجان وملوك حمير"،الذي كان مصدرا لكثيرمن المؤرخين المسلمين.
من جانب آخر شكلت مجموعة من العوامل المساعدة[6] في ترسيخ التدوين التاريخي وبلورته ويمكن تلخيصها في وضع التقويم الهجري والاهتمام بالانساب والحاجة إلى تقدير الجزية والخراج والاهتمام بالعلوم العربية ونشوء الحركة الشعوبية إضافة إلى ظهور الورق وصناعته بالعالم الاسلامي.
القرن الثالث الهجري وظهور المؤرخين الكبار
جاء القرن الثالث فحدث طور آخر من أطوار تدوين السنة تجلى في إفراد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتصنيف دون غيره من أقوال الصحابة والتابعين ، فقد تناولها الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (256 ﻫ) في كتاب "المغازي والسير" من صحيحه الموسوم بـ: "الجامع الصحيح المسند المختصر في حديث رسول الله وسننه وأيامه"، وفي مواضيع عديدة منه فقد تحدث عن كيفية بدء الوحي وعن علامات النبوة وعن صفات رسول الله الْخِلقية والْخُلقية وعن المعجزات التي أظهرها الله على يديه الشريفتين وعن هجرة رسول الله وزواجه...
أما الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت. 261 ﻫ) فقد روى في "صحيحه" الكثير من الأحاديث الشريفة المتعلقة بنسب رسول الله وفضائله وبعض معجزاته وصفاته الْخِلقية والْخُلقية ووفاته وإقامته بمكة ثم بالمدينة... كما خصص كتاباً للجهاد والسير...
وفي "موطأ" عالم المدينة الإمام مالك بن أنس (95-179 ﻫ) أحاديث عن سيرة رسول الله وأخلاقه ومغازيه.
أما الإمام الترمذي (209-297 ﻫ)، فقد خصص في كتابه "السنن" باباً سماه بـ: "أبواب المناقب عن رسول الله " أورد فيه أحاديثاً عن ميلاده وبدء نبوته ومبعثه ومعجزاته الدالة على نبوته، وكيفية نزول الوحي، وصفاته وخصاله ومرضه والتحاقه بالرفيق الأعلى، إضافة إلى غزواته...
ثم الإمام أحمد بن حنبل (ت. 241 ﻫ) في "مسنده" الذي يضم الكثير من الأحاديث عن السيرة العطرة والشمائل المحمدية والمغازي النبوية...
أضف إلى ذلك ما ذُكر من أحاديث عن سيرة رسول الله ومغازيه وشمائله وخصائصه في مواضيع مختلفة من "سنن" النسائي (215-303 ﻫ)، و"سنن" ابن ماجه (209-273 ﻫ)، و"المستدرك على الصحيحين" لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري (ت. 405 ﻫ)، و"سنن" أبي الحسن الدارقطني (ت. 458 ﻫ)، و"صحيح" أبي حاتم بن حبان (ت. 354 ﻫ)... وغيرهم.
وقد اعتبر العلماء القرن الثالث الهجري أزهى عصور السنة وأسعدها بالجمع والتدوين ، ففيه دونت الكتب الستة التي اعتمدتها الأمة فيما بعد ، وفيه ظهر أئمة الحديث وجهابذته ، وفيه نشطت رحلة العلماء في طلب الحديث ، ولذلك جعل كثير من أهل العلم هذا القرن الحدَّ الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين من نقاد الحديث .وبانتهاء هذا القرن كاد أن ينتهي عصر الجمع والابتكار في التأليف ، فقد اقتصر دور العلماء في القرون التالية على الاختصار والتهذيب والترتيب ، والاستدراك والتعقيب ، وانصب اهتمامهم على الكتب المدونة ، وقلَّت بينهم الرواية الشفهية .
وقد شهد القرن الثالث الهجري اهتماما ملحوظا بكتابة السير والمغازي وكان موسى بن عقبة مولى الزبير بن العوام الذي وضع أساس هذا النموذج من الكتابة وتبعه في ذلك الواقدي وبن سعد وغيرهما [7]. ويمثل ابن اسحاق ( 151هـ - 761م )بكتاباته في السيرة النبوية فترة النضج في الكتابة والتدوين التاريخي من خلال كتابه مغازي الرسول بناء على طلب الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور. وقد وصلت سيرة ابن اسحاق عن طريق ابن هشام وأصبحت مشهورة باسمه. وكانت مغازي ابن إسحاق مصدرا لكل من الواقدي صاحب "الفتوح والأخبار" ومحمد بن جرير الطبري صاحب "تاريخ الرسل والملوك"[8] ،وقد احتل الطبري قمة الكتابة التاريخية في القرن الثالث الهجري وما بعده.
ثم جاء مؤرخون آخرون خلال القرن الثالث الهجري – البلاذري (ت279هـ ) واليعقوبي ( ت 284 هـ) ، والدينوري ( ت 282 هـ) فكتبوا تواريخ متصلة للأمة الإسلامية، تختلف عن الكتب السابقة. "كانت الأفكار وراء كتاباتهم هي وحدة خبرة الأمة واتصالها والنظرة العالمية للتاريخ، ويمثل البلاذري الفكرة الأولى، بينما يمثل بقية المؤرخين الفكرة الثانية وقد اختلفت دوافعهم لكتابة التاريخ,"[9]
التدوين التاريخي بين الاتجاه الاسلامي والاتجاه القبلي
باستعراض نشأة الدراسات التاريخية يلاحظ أن بدايات علم التاريخ عند العرب قد سار في اتجاهين: الاتجاه الاسلامي أو الاتجاه الذي ظهر عند أهل الحديث ،والاتجاه القبلي، أو اتجاه"الأيام". وهذان الاتجاهان يعكسان التيارين الكبيرين في مجتمع صدر الاسلام، التيار القبلي الذي يمثل استمرار الثراث القبلي، والتيار الاسلامي الذي يمثل المبادئ والفعاليات الاسلامية أي بالحديث أساسا ثم بالسيرة والمغازي.وقد تركز الاتجاه الاسلامي بالمدينة والاتجاه القبلي في الكوفة والبصرة، وكانت المدن الثلاثة مراكز إشعاع ثقافي، وبذلك صار لكل اتجاه مدرسة تاريخية ،وحصل تأثير متبادل بين المدرستين [10]
التدوين التاريخي في المغرب ...امتداد للتأريخ بالمشرق
بعد الفتح الاسلامي للمغرب أصبح هذا الإخير يكل امتدادا لعمقه الإسلامي بالمشرق إضافة إلى مخزونه الحضاري الأصلي في مختلف الجوانب والمجالات الحضارية وبالنسبة " للتأليف التاريخي المغربي فهو منسوخ على منوال التأليف العربي الإسلامي، وهذا بدوره مستوحى من نمط شرقي قديم[11]."
لقد تأخر اهتمام المغاربة بتدوين البعض من تاريخهم، إلى عهد الموحدين (ق.6هـ). حيث وردت إشارات في المصادر المرينية، في مراحل لاحقة، إلى مؤلفات تعرض لتاريخ المغرب، وفاس، والأندلس، عاش أصحابها في القرن السادس الهجري.
على سبيل المثال، فقد تم تأسيس مدينة فاس على يد إدريس الأول وليس إدريس الثاني كما هو شائع، في نهاية القرن الثاني للهجرة 81م. إلا أن المصادر التاريخية، باستثناء بعض الإشارات الطبيعية الواردة على لسان بعض الجغرافيين المشارقة والأندلسيين، لم تتحدث عن الأدارسة وعاصمتهم فاس، بصورة مفصلة، إلا ابتداء من أواسط عهد بني مرين، أي بعد مرور أكثر من خمسة قرون على تاريخ وصول إدريس الأول إلى المغرب سنة 170هـ. وهذا كاف أيضا لإضفاء ظلال من الشكوك والغموض حول تاريخ مدينة فاس والأدارسة بصفة عامة في القرون السابقة لحكم بني مرين. "فصاحب الأنيس المطرب الذي أرخ لأول مرة بتفصيل لمدينة فاس، نقل معلوماته عنها من مجموعة من الرواة والمؤلفين لم يذكر أسماءهم، ولم ينسب إليهم كلامهم في كثير من الأحيان. وعند الرجوع إلى أسماء مؤلفين آخرين ممن اهتموا بتدوين تاريخ المغرب، نلاحظ أن هؤلاء عاشوا في عصور متأخرة جدا عن الفترات التاريخية التي يتحدثون عنها. فابن عذاري المراكشي (أبو العباس أحمد) صاحب كتاب البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب الذي يتحدث مثلا عن انتفاضة البربر سنة 122هـ، وتجزئة المغرب بعد وفاة المولى إدريس الثاني سنة 213هـ، ودخول جوهر الصقلي المغرب واستيلائه على فاس سنة 347هـ"[12]،
خاتمة
إن تطور الكتابة التاريخية جزء حيوي من التطور الثقافي، فالروايات بمختلف أنواعها كانت تجمع من قبل الإخباريين والمحدثين بطريقة شفوية ،إلا أن التاريخ لم يظهر بشكل ثابت إلا مع بدء استعمال الكتابة لحفظ الأخبار والروايات. ويرتبط التدوين التاريخي عند العرب لدى كثير من الباحثين بقيام الدولة الاسلامية في المدينة، لكن ذلك لايلغي المحاولات التي قام بها العرب قبل الاسلام للتدوين، لكنها محاولات بقيت بدائية وغير منظمة ولم تصل مستوى التدوين التاريخي الذي وصلت إليه جهود المسلمين في التدوين. وقد كانت المرحلة الأولى محدودة في المكان والزمان لكن النظرة العالمية الجديدة التي جاء بها القرآن للتاريخ جعلت المسلمين يلتفتون إلى تاريخ ما قبل الإسلام ثم ما بعد ظهوره وما ارتبط به ليتجاوزوا بعد ذلك إلى مواضيع تاريخية مختلفة وقد مر ذلك عبر مراحل متعددة ووفق اتجاهات مختلفة شكلا ومضمونا لينتج عن ذلك كله مادة تاريخية واسعة على مستويات مختلفة من الدقة ووفق أساليب متعددة.كما أنها لم تخلو في كثير منها من نواقص بفعل العوامل التي كثيرا ما وجهت الكتابة التاريخية، لذلك تظهر أهمية دراسة "تاريخ التاريخ" أو تطور الكتابة التاريخية وما رافقها من مناهج وآراء تاريخية في سيرورة التأريخ عند العرب وذلك حتى تتوفرإمكانية الكتابة النقدية وفحص المصادر وتقويمها وتمييز الوهم عن الحقييقة والصادق عن الكاذب والخطأ عن الصواب.
[1] عبد الرحمان بن خلدون، المقدمة ، ص 224 ، دار الفكر، الطبعة رقم 1، 2002
[2] عبد العزيز الدوري، "نشأة علم التاريخ عند العرب"، ص20 ،مركز زايد للتاريخ، 2000م
[3] تاريخ الخلفاء ، ص : 44 ، نقلاً عن ابن كثير في تفسيره
([4]) مروان بن الحكم بن أبي العاص ، أو عبد الملك ، خليفة أموي ، إليه ينسب بنو مروان ، ولد بمكة في 2ه توفي سنة : 65 هـ .
([5])أبو بكر بن أبي داود، كتاب المصاحف : تحقيق: محمد بن عبده، الفاروق الحديثة - مصر / القاهرة، الطبعة: الأولى، 2002م، ص177 .
[6] أنظر:د. شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون, دار العلم للملايين، ج1، ص 64 وما بعدها .
[7] ذ.دادي، محاضرات في مجزوء الاستوغرافيا ،مسلك التاريخ والحضارة، كلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة محمد الأول ،وجدة،2006
[8] المصدر نفسه
[9] للمزيذ أنظر:عبد العزيز الدوري، "نشأة علم التاريخ عند العرب"، ص52 إلى 58 ،مركز زايد للتاريخ، 2000م
[10] للمزيد أنظر: عبد العزيز الدوري،مصدر سابق
[11] عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب، المركز الثقافي العربي، الطبعة الخامسة، 1996، ص20
[12] العربي اكنينح،مجلة فكر ونقد، الأسطوغرافية العربية، طبيعتها ومحدودية قيمتها التاريخية،ص1 الفهرس 81-90 عن موقع محمد عابد الجابري